[ مَنْ وَلِيَ تَزْوِيجَ أُمّ سَلَمَةَ ؟]
وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ وَلِيَ تَزْوِيجَهَا مِنْهُ ؟ فَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطّبَقَاتِ : وَلِيَ تَزْوِيجَهَا مِنْهُ سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَة َ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهَا وَلَمّا زَوّجَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَلَمَةَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ أُمَامَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ الّتِي اخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيّ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ قَالَ : هَلْ جَزَيْتُ سَلَمَةَ يَقُولُ ذَلِكَ لِأَنّ سَلَمَةَ هُوَ الّذِي تَوَلّى تَزْوِيجَهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِهَا ذُكِرَ هَذَا فِي تَرْجَمَةِ سَلَمَةَ ثُمّ ذُكِرَ فِي تَرْجَمَةِ أُمّ سَلَمَة عَنْ الْوَاقِدِيّ : حَدّثَنِي مُجَمّعُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَطَبَ أُمّ سَلَمَةَ إلَى ابْنِهَا عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ فَزَوّجَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ غُلَامٌ صَغِيرٌ .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَد ِ : حَدّثَنَا عَفّانُ حَدّثَنَا حَمّادُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ حَدّثَنَا ثَابِتٌ قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ عُمَرَ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمّ سَلَمَةَ أَنّهَا لَمّا انْقَضَتْ عِدّتُهَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ بَعَثَ إلَيْهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَتْ مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّي امْرَأَةٌ غَيْرَى وَإِنّي مُصْبِيَةٌ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي حَاضِرًا . . . الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَتْ لِابْنِهَا عُمَرَ قُمْ فَزَوّجْ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَزَوّجَهُ وَفِي هَذَا نَظَرٌ فَإِنّ عُمْرَ هَذَا كَانَ سِنّهُ لَمّا تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تِسْعُ سِنِينَ ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَتَزَوّجَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي شَوّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ فَيَكُونُ لَهُ مِنْ الْعُمْرِ حِينَئِذٍ ثَلَاثُ سِنِينَ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُزَوّجُ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرهُ وَلَمّا قِيلَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ مَنْ يَقُولُ إنّ عُمَرَ كَانَ صَغِيرًا ؟ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيّ : وَلَعَلّ أَحْمَدُ قَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَقِفَ عَلَى مِقْدَارِ سِنّهِ وَقَدْ ذَكَرَ مِقْدَارَ سِنّهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُؤَرّخِينَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ .
وَقَدْ قِيلَ إنّ الّذِي زَوّجَهَا مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ابْنُ عَمّهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطّاب ِ وَالْحَدِيثُ قُمْ يَا عُمَرُ فَزَوّجْ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم وَنَسَبُ عُمَرَ وَنَسَبُ أُمّ سَلَمَةَ يَلْتَقِيَانِ فِي كَعْبٍ فَإِنّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رُزَاحٍ بْنِ عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ وَأُمّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمّيّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبٍ فَوَافَقَ اسْمُ ابْنِهَا عُمَرَ اسْمَهُ فَقَالَتْ : قُمْ يَا عُمَرُ فَزَوّجْ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَظَنّ بَعْضُ الرّوَاةِ أَنّهُ ابْنُهَا فَرَوَاهُ بِالْمَعْنَى وَقَالَ فَقَالَتْ لَابْنِهَا وَذُهِلَ عَنْ تَعَذّرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِصِغَرِ سِنّهِ وَنَظِيرُ هَذَا وَهْمُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرِوَايَتِهِمْ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : قُمْ يَا غُلَامُ فَزَوّجْ أُمّك قَالَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيّ وَمَا عَرَفْنَا هَذَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَإِنْ ثَبَتَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ عَلَى وَجْه الْمُدَاعَبَةِ لِلصّغِيرِ إذْ كَانَ لَهُ مِنْ الْعُمْرِ يَوْمئِذٍ ثَلَاثُ سِنِينَ لِأَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَزَوّجَهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمَاتَ وَلِعُمَرِ تِسْعُ سِنِينَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَفْتَقِرُ نِكَاحُهُ إلَى وَلِيّ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَشْتَرِطُ فِي نِكَاحِهِ الْوَلِيّ وَأَنّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ .
[ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ]
ثُمّ تَزَوّجَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَة وَهِيَ ابْنَةُ عَمّتِهِ أُمَيْمَةَ وَفِيهَا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : فَلَمّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوّجْنَاكَهَا [ الْأَحْزَابُ 37 ] وَبِذَلِكَ كَانَتْ تَفْتَخِرُ عَلَى نِسَاءِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتَقُولُ زَوّجَكُنّ أَهَالِيكُنّ وَزَوّجَنِي اللّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ .
وَمِنْ خَوَاصّهَا أَنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَانَ هُوَ وَلِيّهَا الّذِي زَوّجَهَا لِرَسُولِهِ مِنْ فَوْقِ سَمَوَاتِهِ وَتُوُفّيَتْ فِي أَوّلِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ وَكَانَتْ أَوّلًا عِنْدَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَة وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَبَنّاهُ فَلَمّا طَلّقَهَا زَيْدٌ زَوّجَهُ اللّهُ تَعَالَى إيّاهَا لِتَتَأَسّى بِهِ أُمّتُهُ فِي نِكَاحِ أَزْوَاجِ مَنْ تَبَنّوْهُ .
[ جُويْريَة ]
وَتَزَوّجَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جُويْريَة بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ المُصْطَلِقِيّة وَكَانَتْ مِنْ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِق ِ فَجَاءَتْهُ تَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى كِتَابَتِهَا فَأَدّى عَنْهَا كِتَابَتَهَا وَتَزَوّجَهَا .
[ أُمّ حَبِيبَة]
ثُمّ تَزَوّجَ أُمّ حَبِيبَةَ وَاسْمُهَا رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ الْقُرَشِيّةُ الْأُمَوِيّةُ . وَقِيلَ اسْمُهَا هِنْدُ تَزَوّجَهَا وَهِيَ بِبِلَادِ الْحَبَشَةِ مُهَاجِرَةً وَأَصْدَقَهَا عَنْهُ النّجَاشِيّ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَسِيقَتْ إلَيْهِ مِنْ هُنَاكَ وَمَاتَتْ فِي أَيّامِ أَخِيهَا مُعَاوِيَةَ .
هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُتَوَاتَرُ عِنْدَ أَهْلِ السّيَرِ وَالتّوَارِيخِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ نِكَاحِهِ لِخَدِيجَةَ بِمَكّةَ وَلِحَفْصَةَ بِالْمَدِينَةِ وَلِصَفِيّةَ بَعْدَ خَيْبَر َ .