النظام الغذائي الجيد يصبح أكثر أهمية كلما تقدم العمر
د.جابر بن سالم القحطاني
تعتبر الفواكه والخضروات ضمن أفضل مصادر العناصر الغذائية اللازمة للحصول على جهاز مناعي قوي وهو خط دفاع الجسم ضد الأمراض، ان جهاز المناعة هو الذي يعمل على منع الأمراض المعدية، مثل نزلات البرد والانفلونزا وغيرها، الناتجة عن البكتريا والفيروسات، وحتى أمراض كالسرطان.
يقول د. كلابر: «عندما يأتيني أحد مرضاي وهو مصاب بالتهاب رئوي فقد أعطيه مضادات حيوية، ولكني اسأل حينيئذ لماذا أصيب بالالتهاب الرئوي؟ وما الذي يفعله بجهازه المناعي؟ فالاشخاص الاصحاء لا يصابون بالالتهاب الرئوي والمشكلات المناعية تكون في الغالب مرتبطة بنمط الغذاء الذي تأكله»..
لهذا فإن النظام الغذائي الجيد يصبح أكثر أهمية كلما تقدمت في السن، إذ إن المناعة تضعف بشكل طبيعي مع التقدم في العمر فمع بلوغك عقد الخمسينات والستينات فإن خلاياك المكافحة للعدوى لا تؤدي وظيفتها بشكل جيد، مما يزيد قابليتك للاصابة بالعدوى والسرطان، هذا ما يقوله د. رونالد واطسون أستاذ الابحاث واخصائي التغذية وعلم المناعة في كلية الطب بجامعة اريزونا في مدينة تاكسون، ولكن إذا كان طعامك جيداً، فإن مناعتك تبقى قوية مهما تقدمت في السن.
وكما يقول الخبراء فهذا يعني أن تتناول غذاء غني بما يسمى المغذيات المضادة للاكسدة Antioxidant nutrients لا سيما الفيتامينات والمعادن التي تعمل على وقاية الجسم من التلف المتسبب عن الأكسدة، فعندما يتحول لون تفاحة مقطوعة حديثاً إلى اللون البني، فهذا يكون نتيجة للاكسدة، وهي عملية التدهور التي تحدث بسبب التعرض للاكسجين. وصحيح أن اجسامنا تحتاج للاكسجين لتحيا، الا ان الزيادة المفرطة منه تسبب تلفاً شديداً للخلايا، وفي عالم اليوم حيث يحتوي الهواء الذي نتنفسه أيضاً على دخان السجائر وعادم السيارات والاشعاع وغير ذلك من ملوثات خطرة، كما تحتوي مياه الشرب على كلور مؤكسد، فإن الأكسدة تؤدي إلى الشيخوخة قبل الأوان وتضعف جهاز المناعة. ويعتقد كذلك أن التجاعيد، وحالات الكتاراكت (المياه البيضاء في العين) والالتهاب المفصلي، وأمراضاً اخرى تشمل السرطان وأمراض القلب، كلها تنتج ولو جزئياً عن عملية الأكسدة هذه.
تقول د. جوديت إس شتيرن أستاذة التغذية والطب الباطني بجامعة كاليفورنيا، في مدينة ديفنز: «عندما يتحدث الناس عن مضادات الأكسدة، فانهم في العادة يقصدون فيتامينات ح، ه والبيتاكاروتين ومعدن السيلينيوم، ولكن ما نعلمه بالفعل هو أن هناك المئات من المواد التي توجد في الأطعمة تتمتع بخصائص مضادة للاكسدة، والكيميائيات النباتية هي بعض من تلك المواد. كما توجد مواد اخرى كاروتينويديه والتي تشبه البيتاكاروتين ومواد اخرى لا نعلم عنها شيئاً حتى الآن».
ما لا تحتوي عليه المكملات المصنعة:
إن ما يعلمه الخبراء هو أن بعض تلك المواد المفيدة أي الكيميائيات النباتية واشباه الكاروتين وبعض المغذيات الصغيرة لا تدخل في تركيب المكملات. ويقول د. هامس: «كلما كان شيئاً ما أقرب إلى حالته الطبيعية، كان أفضل. وتوجد الفيتامينات والمعادن في صورتها الطبيعية في الأطعمة وليست المكملات». وتضيف د. جوديث: «إن الأمر يشبه تناول مكمل من الألياف، فقد يكون أفضل من عدم تناول الألياف مطلقاً، ولكن تناول الأطعمة الغنية بالألياف أفضل دائماً من تناول مكمل الألياف، فانك حينما تتناول الألياف على شكل مكمل لا يدخل في تركيب الطعام فإن تلك الألياف تتعرض للجفاف، وهي لا يمثل كل أنواع الألياف الطبيعية التي توجد في الأطعمة، كما أنها قد لا تفيد بنفس الطريقة»، وثمة مشكلة اخرى تتعلق بالمكملات، فتعرضها للهواء والضوء له تأثير مدمر، لذا ففي كل مرة تفتح فيها زجاجة المكمل يضعف مفعول ما بها من اقراص.
وتقول د. جوديث: «وأن ما يثير السخرية أن الناس يسمعون عن دراسات تظهر أن فيتامين ج يفيد في كذا وكذا والبيتاكاروتين يقي من كذا وكذا، مما يجعلهم يهرعون إلى محل لبيع الادوية ليشتروا زجاجة من مكملات الفيتامينات، ظانين أنها ستفيدهم، وفي الحقيقة أن أغلب تلك الدراسات تجري باستخدام الفواكه والخضروات، لذا فقد لا تأتي الفائدة من ذلك العنصر المغذي فقط ولكن من جميع المركبات الاخرى في الطعام»!.
من بين تلك المركبات عناصر غذائية اخرى تلعب أيضاً دوراً رئيسياً في تقوية جهاز المناعة، رغم انها لا تتمتع بنفس الشعبية التي لمضادات الأكسدة.
يقول د. تيري أم. فيلبس مدير معمل الكيمياء المناعية في كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة جورج واشنطن، في مدينة واشنطن العاصمة: «اننا نسمع الكثير عن الفيتامينات المضادة للأكسدة ولكنها مجرد جزء من الرواية، إذ توجد مغذيات أخرى قد تكون بنفس الاهمية - بل ربما تكون أكثر أهمية - في المحافظة على قوة جهاز المناعة». ومن بين تلك العناصر الغذائية فيتامين ب6، والزنك والفولات والمغنيسوم والنحاس.
وعندما تقضم واحدة من الجزر أو البروكلي، فانك بذلك تكون قد حصلت على مصدر عظيم من الفيتامينات المضادة للاكسدة بالإضافة إلى بعض من تلك المغذيات الرئيسية الاخرى وكمية من المكونات المفيدة أيضاً، وتشمل الألياف، والأحماض الدهنية الاساسية وحتى البروتين والكالسيوم.
تقول د. جوديت: «ها هو الخط الأساسي، فقد يكون من الأسهل أن تتناول مكملات الفيتامينات. ولكنك إذا كنت مهتماً حقاً بصحتك، فهناك شيء واحد ينبغي عليك أن تفعله، وهو أن تأكل جيداً.
منقول من كتاب فوائد الغذاء