يولي جيران العرب اهتماماً بقضايا العرب الكبرى أكثر من اهتمام العرب أنفسهم فالأتراك اقتربوا من العراق وما جرى فيه بعد 9 نيسان 2003 من خلال فيلم (وادي الذئاب) الممول كما ذكرت المصادر من قبل مؤسسة الجيش في تركيا بينما بقي العراق (جمجمة العرب) خارج اهتمام السينمائيين العرب وكأن الأمر لا يعنيهم منشغلين بأفلام (الحب) وبأفلام لا طعم ولا لون ولا رائحة لها.
وبدأ اهتمام الإيرانيين بالقضية الفلسطينية منذ بداية تسعينيات القرن المنصرم فأنجزوا فيلم (المتبقي) الذي كان له صدى كبير وها هو يعاود المخرج عباس رافعي تأكيد اهتمام المخرجين الإيرانيين بهذه القضية من خلال فيلم (السهاد أو اليقظة) الذي شارف على الانتهاء من تصويره في أماكن مختلفة في دمشق وريفها ولكن ما يعزينا أن الفيلم ينهض على أكتاف السوريين كما نهض قبله (المتبقي) فالممثلون السوريون يرفعون الشخصيات، فالحوار باللغة العربية وأبرزهم:
قصي خولي، محمود خليلي، مكسيم خليل، محمد حداقي، ممدوح الأطرش، كندة علوش، يوسف المقبل، وفاء عيسى، رجاء يوسف، ليليا الأطرش، وسيم الرحبي وسواهم وتتولى شركة (ميثا) للإنتاج الفني السورية مهمة تنفيذ الإنتاج ويساعد رافعي عدد من الفنيين السوريين أبرزهم موفق السيد الذي تولى مسؤوليات عدة أهمها الديكور والملابس. وقد وصف السيد المجهود الذي بذله مع فريق عمله بالإعجاز حيث استطاع خلال أيام تصميم ديكورات لمدينة حيفا في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي حيث يتناول الفيلم جانباً من القضية الفلسطينية مع بداية النكبة ولكن هذه الديكورات لم تكن داخل استديو مغلق إنما في شارع مدحت باشا في وسط دمشق القديمة حيث تم التصوير في يوم عطلة ويؤكد السيد أنه استفاد كثيراً من كتاب وليد الخالدي (قبل الشتات: التاريخ المصور للشعب الفلسطيني 1876- 1948) في نواح عدة منها الملابس ويلعب الفنان محمود خليلي شخصية (أبو سلامة) الفلسطيني الذي يجد نفسه فجأة عاجزاً ولا يملك ما يمكّنه من الدفاع عن بناته فيقرر مغادرة حيفا بعد أن سمع أن الصهاينة قد اغتصبوا فتيات فلسطينيات في (دير ياسين) إضافة إلى المذبحة التي اقترفوها بحق عشرات الفلسطينيين العزّل لترويع أهل فلسطين لكي يهاجروا ويتركوا منازلهم وأراضيهم.
ويلعب ممدوح الأطرش شخصية تمثل الجذور الفلسطينية وقد أكد عدد من الفنانين المشاركين بالفيلم أن أهميته تنبع من التقاطه الكثير من التفاصيل الإنسانية ومن المعالجة السينمائية لقضية حساسة بعيداً عن المباشرة وقد تشارك المخرج عباس رافعي مع الكاتب علي الحسيني في كتابة السيناريو وتقف وراء إنتاج الفيلم قناة (الكوثر) الفضائية الإيرانية.
لدينا أمل أن يحرض هذا الفيلم السينمائيين العرب على إنجاز أفلام عربية خالصة تضع وهم هذا الفن الساحر والخالد على الجرح الفلسطيني وخاصة أن القدس (عاصمة الألم) عاصمة للثقافة العربية في هذا العام فمن غير المقبول أن تمر هذه المناسبة مرور الكرام فهي فرصة لكل الدراميين لإثبات أن الهم واحد والجرح واحد وأن السينما العربية لم تفقد هويتها وجوهرها ومعناها فما دمنا في المرحلة الراهنة لسنا قادرين على تحرير القدس بالسلاح فعلى الأقل نطلقها في فضاءات السينما الرحبة.