[size=18]كثيراً ما يقال: إن فلانة حصلت على ترقية مالية لأنها على علاقة بالمدير، وإن فلانة لا هم لها سوى التزين واستخدام أنواع العطور المثيرة، ولا تتوقف عن التردد على مكتب المدير بين لحظة وأخرى في مقابل أخريات يتركن العمل بسبب مضايقات المدير الذي لا يتوقف عن التحرش بهن، وقد تكون الفتاة في أشد الحاجة إلى الوظيفة ولكن تختار احترامها لنفسها على حساب لقمة عيشها كي تصون شرفها وسمعة عائلتها.
فلماذا تذعن امرأة بينما ترفض أخرى؟ وهل للضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها المرأة دور في حساب رد فعلها؟ وما وسيلة المرأة لمواجهة هذه الضغوط؟
في استطلاع للرأي أجري في بريطانيا وشمل 500 امرأة عاملة، تبيّن أن أغلبية هؤلاء يفضلن أن يكون مديرهن من الرجال لكي يلجأن إلى الغزل بغية الحصول على الترقيات، وأن 86% من النساء المستطلعة آراؤهن قلن: إنهن يفضلن مغازلة زميل ذكر، إذا كان يعني ذلك تقدمهن في الشركة التي يعملن بها.
هذا بالنسبة للنساء الأوروبيات، لكن ما موقف النساء العربيات من هذه الظاهرة؟!
تقول بشرى وهي مذيعة تلفزيونية في إحدى المحطات العربية: «هذه النماذج عايشتها كثيراً، وفي كل مرة من المرات تركت عملي بسبب تحرش المدير بي، فانفجرت فيه وتركت العمل، وفي مرة أخرى تركت المحطة التي كنت أعمل فيها، لأن المخرج ساومني على أن يحصل مني على نصف راتبي مقابل توقيع العقد، ولم أندم على هذه المواقف، لأنني كسبت احترامي لنفسي والرزق على الله. وقد رأيت للأسف زميلات لي فرطن في شرفهن وتم تعيينهن وحصلن على أعلى الوظائف. وهذا الواقع قائم بصورة أكبر في مجال الإعلام، حيث نجد مذيعة جميلة ومحترمة ومتمكنة، لا تظهر على الشاشة إلا قليلاً لأنها تحافظ على شرفها بينما نجد أخرى تحصل على كل ما تريد لأنها تنازلت فقبضت، وأصبح لديها السيارة والفيلا. ولا أنسى يوم أن عرض علي موظف في مكتب مدير إحدى المحطات أن أسهر مع المدير، مقابل تعييني فرفضت على الفور، في حين يقومون بتعيين الراقصات والعارضات وخبيرات التجميل».
وتكمل غادة وهي زوجة وأم، إن «المرأة التي تتعرض لضغوط كهذه، عليها أن تنسحب بهدوء وتبحث عن مكان آخر».
لكن المذيعة هدى تختار طريق الدبلوماسية في إقناع المدير أو الشخص الذي يتعرض لها: «يجب على الفتاة أن تحاول بقدر المستطاع ألا تخسر شرفها على حساب عملها، وأن تكون دبلوماسية في تعاملها، لأنه لا شيء يأتي بالضغط، وأن تكون صريحة وتظهر للطرف الآخر أنها فاهمة كل ما يحدث، وستجد أن هذا المدير سيتراجع في النهاية، لأنه يخاف على منصبه ولا يحب أن يدخل في متاهات». وعن رأيها في دور الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي قد تدفع الفتاة أو المرأة لتقديم تنازل ما، مقابل استمرارها في عملها تقول هدى: «من تقبل بتقديم تنازلات مقابل العمل، فهي فتاة لم تر خيراً في حياتها والغاية لديها تبرر الوسيلة، وتفعل أي شيء مقابل الوصول إلى ما تريد، أما الفتاة التي ترفض فهي الواثقة بنفسها ولديها كرامة ولا تغرها المظاهر والأمور الشكلية والسطحية».
وتقول ميس وهي موظفة في إحدى الشركات الكبرى: «منذ الاختبار الأول تدرك الفتاة إذا كان تم اختيارها، من أجل جمالها أو من أجل مهاراتها، والفتاة هي التي تفرض شخصيتها في محيط عملها، بخبرتها وكفاءاتها وقوة شخصيتها، وهي التي تفرض على المحيطين بها أسلوب التعامل فلا توجد علاقة بالعافية، والقوانين موجودة لحماية البنت، وإذا تعرضت لمضايقات، فعليها أن ترفض ذلك بأسلوب راق، والمدير الناجح لا يستغني عن موظفة ذكية متميزة».
وتتحدث هلا بمرارة واضحة، عن الواقع الذي تعيشه النساء العربيات العاملات: «تعرضت في مرحلة من المراحل لمثل هذه المضايقات، ولكنني تصديت لها. ومن يومها وأنا أضع خطوطاً فاصلة في علاقاتي مع محيط العمل وهناك من تقبل وترضى هذه الأشياء».
هذا رأي النساء العاملات، فما رأي الرجال تجاه هذه الظاهرة، وما موقفهم كمديرين أولاً أو كموظفين عاديين؟
يقدم حاتم وهو رجل أعمال ومدير مجموعة صيدليات ولديه عشرات الموظفات صورة من الواقع لتصرفات المدير قائلاً: «نعم هذه السلوكيات موجودة، وهناك من يمارسها وهناك من يرفضها والمدير الناجح هو من يفصل بين حياته الخاصة وعمله لأنه من الصعب أن يدير عمله في الوقت الذي يقيم فيه علاقة مع إحدى موظفاته ومن غير المقبول أخلاقياً وإنسانياً أن يستغل صاحب العمل حاجة الفتاة إلى هذا العمل من أجل إقامة علاقة معها».
ويقول سامي وهو موظف في إحدى الشركات: إنه ليس مع المرأة التي تقدم تنازلات في عملها مهما تكن الظروف التي تمر بها ويلوم الطرفين أي المدير والموظفة التي تقبل وتذعن لإقامة علاقة.
غير أن زميله سعد يلقي باللوم على المرأة صاحبة الشرور: «طبيعة المرأة هي التي تتحكم في الموضوع فإذا كانت مستعدة لتقديم تنازلات فستقدمها حتى من دون ضغوط».
أما عبد الفتاح فيربط قبول المرأة ورفضها بمدى قوة عقيدتها وخوفها من الله: «لو كان إيمانها قوياً وخوفها من الله ملازماً لها فستترك العمل فوراً، أما إذا كان العكس، فستمشي مع التيار، كما أن هندامها وسلوكها يجب أن يكونا محتشمين ووقورين ليدرأا عنها الفتنة والوقوع في الحرام».
في نهاية المطاف نرى أن الفتاة تقع غالباً بين نارين: الحاجة إلى الوظيفة وتلبية رغبات المدير، وللخروج من هذه الدوامة على المرأة بشكل عام أن تكون متمكنة في عملها، وألا تعتمد على جمالها وإبراز محاسنها وأن تدرك من البداية، إذا ما كان المدير قد اختارها لجمالها أو لكفاءاتها؟ وعندما تكون المرأة العاملة ملتزمة تماماً بعملها ودوامها، فلا حاجة لها للاستعطاف وجلب مودة المدير، والمثل يقول: «امشِ عدل، يحتار عدوك فيك»[/size]