هل ثمة مساحة للكلام، وهل للكلام دور في هذه الساعات؟ سأستعير عبارة الراحل سعد الله ونوس: "نحن محكومون بالأمل دائماً"، وسأظل أرى نافذة للنور، وسأظل أحلم أن يكون للعقل اليد الطولى في تصرفاتنا وردود أفعالنا.
باستطاعتنا أن نكتب ما نشاء، لا أحد سيمنعنا، حتى المدير الدكتاتوري أعلنها صراحة: قولوا ما شئتم إلا أن يكون تجريح وخروج عن الأخلاق.
باستطاعة جمهورنا أن يشتم من شاء من اللاعبين وأن يتهجم على من شاء، وأن يدخل النادي غاضباً ليطيح بمن يطيح، باستطاعته من حيث القدرة أن يفعل ذلك، ولكن ماذا بعد هذا كلّه؟
كل تصرف نقوم به أو كلمة نقولها ينبغي أن يكون لها هدف واضح في أذهاننا، وإلا لكانت من سقط الكلام وبائسة، مما لا يقدّم أو يؤخر.
نحن جميعاً محبون وعاشقون، والمحب إنما ينظر بعين المحب وقلبه، ولا قيمة لحبّه كلّه إن لم يدفعه لتبصر الحل المناسب والناجع، ولاسيما في ألأوقات العصيبة.
نعم ندخل الآن مرحلة حرجة، تتطلب منا جميعاً أن نكون على قدر المسؤولية، خسرنا المباراة ولكننا لم نخسر الدوري، والأهم من ذلك كله ألا نخسر أنفسنا ونادينا.
سبق أن ذكّرت بما تنصّ عليه قوانين الإعلام في أكثر البلدان حرية وديمقراطية: لا يجوز الحديث بأي سلبية عن الجيش طالما أنه في مهمة رسمية داخل البلاد وخارجها. وفريقنا، ما شاء الله، من معركة إلى معركة، ومن موقعة إلى أخرى، كُتب له ألا يرتاح منذ فترة طويلة، وهو أحوج ما يكون للكلمة الطيبة تشد من أزره وتقوي من عزيمته.
نحن أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن نعلنها صراحة أننا لا نريد من فريقنا بطولة الدوري، وهذا يعني ألا نحزن أو نقيم الدنيا لخسارة أي مباراة،وأن نترك لإدارة الفريق إعادة النظر في بنية الفريق وهيكليته. وإما أننا نريد بطولة الدوري فهذا يعني أن نكون معه في عثرته ومحنته، وأن نمد له يد العون حتى لا يدخل النفق المظلم فيستعصي علينا الأمر بعد ذلك.
المنطق يقول إن فريقنا مازال يمتلك القدرة على إحراز البطولة، وأن التفريط بها مع قدرته عليها أمر غير محمود، وهذا يعني أن المنطق يغلّب الخيار الثاني، وهو ما يتطلب منا تعقّلاً ومداراة ورعاية لهذا الفريق الذي بات يحتاج إلى رعاية مضاعفة.
لا أصدّق أن محباً للكرامة يعتقد أن أي لاعب أو مدرب في الفريق يريد أن يخرج خاسراً أو متعادلاً في أي مباراة، ولا أصدق أن واحداً من أفراد الفريق والجهاز الفني بات اليوم غير مهموم أو حزين، كلنا في الهم سواء، وكلنا ينبغي أن نتعاون للخروج من هذه الأزمة.
ثمة من يفعل هذا بالكلام كصديقكم الذي يكتب لكم، وهناك أناس طيبون ومحبون بدؤوا منذ الليلة بذل جهود مضاعفة لتأهيل الفريق نفسياً للمباراة القادمة، ومن غير اللائق بأي محب ألا يكون له فضل في هذا الأمر، لأن السعادة حين تأتي إنما تأتي إلينا جميعاً، ولا يكفي هنا أن ننتظر الفرح، بل ينبغي أن نساهم في صناعته. وأولى الخطوات هي أن نجدد الثقة بأفراد الفريق ومدربيه، وأن نقول لهم إنا معكم في السراء قبل الضراء. وكلنا أمل وثقة في أن صنّاع الفرح كثيرون، لاعبين ومدربين وجمهوراً، وأن إخفاقنا مرة لن يثنينا عن المحاولة من جديد.. اليوم وغداً وبعد غد... ما دام هناك نادٍ اسمه الكرامة، ينبغي أن نصنع الفرح بأيدينا جميعاً